Friday, February 1, 2008

في الدفاع عن اليسار ضد الجعجعة


قام أحد الأصدقاء مشكوراً بإرسال مقال بعنوان "نهاية اليسار الستاليني في فلسطين" وقد بهرني ما وجدته فيه من شخبط شخابيط.. إلا إن صديقي وبعد قليل من ارساله للملف الاول قام بأرسال مقال آخر بعنوان في الدفاع عن اليسار ضد الجعجعة..! وقد ارتايت نشره بعد طلب إذنه في الموضوع، أتمنى قراءة المقال السابق كي تكون الصورة أوضح



في الدفاع عن اليسار ضد الجعجعة..!

فد أتفق على ضعف البرنامج الثوري اليساري بشكل عام وانحناءاته المتكررة خلال الأعوام الماضية بالذات، وقد أتفق على أن لغة (التشبع-الثوري) هي السائدة في الساحة اليسارية بعموميتها وجدليتها المتوارثة عبر أعوام من الاختلاف الايدولوجي والممارسي في الأحزاب الفلسطينية. لكن إن جاز لي القول أن هذه الانكسارات لا تشكل إلا جزءاً طبيعياً من أي مرحلة (مؤدلجة) في تاريخ أي شعب.. استلزم الفرنسيين 5 جمهوريات -بغض النظر عن طبيعة الحكم فيها- كي تصل بفرنسا إلى مرحلة الحداثة السياسية بشكلها الرئاسي الديموقراطي.. ولنقس على ذلك

ما لا أتفق عليه، هو لغة التكسير (التي نجيدها بمهارة كعرب ومسلمين) والنقد الآني اللا-موضوعي الذي يتحفنا به (المسقفون) جميعاً


لفهم الأسباب التي تقف خلف التدهور السريع(بين قوسين) لليسار الفلسطيني.. نحتاج للقياس والحكم بناء على رؤية الحزب لا بناء على مواقفه.. فالمسلمون لا يشبهون الرسول في شيء.. واليساريون ليسوا نسخاً عن لينين ولسنا قوالب كعك بنفس الشكل في الفرن.. وما يحدث داخل مجموعة من هذه الأحزاب بسلبياته وعيوبه هو جزء من عملية الوصول إلى الكامل ولا يعيب الحزب في شيء.. إلا أن كان قد تخلى عن أيدلوجيته أو باعها كما بيعت المنظمة للـ(بزنس من) يا سادتي

الجبهة الشعبية وليس دفاعاً عنها بقدر ما هو تأصيل لوجهة نظرها الأقرب إلى الدقة في تحليل المسار السياسي الفلسطيني هي نفسها الجبهة الشعبية التي وقفت ضد انقلاب حماس لأنه خروج عن الصف الوطني، وهي نفسها التي رفضت الاعتقالات السياسية في الضفة، وهي نفسها التي تقف مع الوحدة الوطنية ضد السماسرة من الجهتين.. هي نفسها التي لم تكن ضمن أي إطار اقتتال داخلي حتى في أشد اختلافاتها مع فتح والمنظمة.. والجبهة الشعبية يا سادتي ورغم تمثيلها النسبي الضئيل في المجتمع، وبغض النظر عن ضعف ماكينتها الإعلامية والمالية، لم تكن يوماً (حرامي) يسرق وينهب أموال ومقدرات الشعب باسم الوطنية أو الإسلام، وهي أول من حاول تطبيب الجسد الفلسطيني، ولكن للأسف.. فالمشكلة يا سادتي في من يقبل اتفاق فلسطيني- فلسطيني على حائط الكعبة ولا يقبله في فلسطين.. المشكلة في من يخرق اتفاق هدنه موقع بدم مئات القتلى في عنف داخلي واقتتال من أجل جزمة مهترئة ابتدأتها اوسلو.. الأجندة المأمركة هي ذات الأجندة التي تقوم عليها كل الحركات القصيرة النفس..وإذا كانت أزمتكم مع الجبهة الشعبية في أنها رفضت الاقتتال وتفتيت الوطن.. فلتكن

أما عند الحديث عن اليسار الستاليني الذي ينتج مواقف غير ديموقراطية، فمن الإلحاد الحديث عن مواقف غير ديموقراطية لدى الجبهة على الأقل، ومؤتمر الجبهة الثاني في شباط 69 والذي صدر عنه "الاستراتيجية السياسية والتنظيمية" يشكل محطة هامة في مسيرة حركات التحرر العالمي وتطلع للجبهة نحو التحول الي حزب ماركسي – لينيني مقاتل، ولو كانت ستالينية الأصل لما عقدت المؤتمرات الجماهيرية وانتخبت الهيئات الإدارية- على علاتها- ولبقيت حزب الواحد مثل باقي الأحزاب والحركات البراغماتية المنتشرة بكثرة، وما كان لأحد أن يقول للجبهة أين انتِ لو لم يعقدوا اجتماعاتهم الحزبية ومؤتمراتهم. ولو كانت ستالينية لما قبلت أصلاً بالتعددية الموجودة على الساحة الفلسطينية ولا قبلت بوجودها كحزب ضمن مجموعة أحزاب في إطار القضية

حزب الشعب لم يكن موجوداً بأطره الحالية ليعترف بإسرائيل، وإن كان لي تحفظاتي على هذه المعلومة الغير دقيقة، فالحزب الشيوعي الفلسطيني لم يكن في تلك الفترة حزب قضية وإنما حزب أممية.. وهذا موضوع متشابك بالأصل.. ولكن لا اعتقد أن هناك في النظام الداخلي لحزب الشعب الحالي أي بند يعترف باسرائيل كدولة ديموقراطية إنسانية عادلة.. وبخصوص البرنامج المرحلي للديموقراطية –فعلى علاته ايضاً- ولا ابرره.. إلا انه لا يذكر مقارنة ببرنامج مرحلة اوسلو الذي قاده عرفات وشلة الأنس من السماسرة ذوي النفس القصير.. وعلينا أن نبصر جيداً من قال لا للمرحلية الاوسلوية منذ بدايتها ومن وافق عليها وقادها بأزماتها ومشاكلها

الإنجاز (الغير مسبوق) والحديث هنا عن الانتحابات التشريعية الفلسطينية/وبغض النظر عن ديمقراطيته/ لا يجب ان يعكس بالضرورة وجهة نظر القوى العلمانية، لا أتذكر أي دولة أو حزب علماني عربي أو أوروبي حدث نفسه وراجع حساباته وغير نظامه الداخلي من حزب اسلامي او ليبرالي إلى حزب اشتراكي مقاتل بعد انتصار شافيز وجماهيره وتغلبه على الامبريالية الامريكية في المعركة الأخيرة

إن هذا الانجاز (الغير مسبوق).. هو وليد لحظات على هامش السياق المنطقي لتحرر أي شعب.. انتخابات لقيادة السجن.. وهذا هو الموجود الآن على الساحة الفلسطينية الممزقة.. فشكراً للإنتخابات.. وشكراً لهيمنة فتح في السابق.. وشكراً لعمل حماس المنظم ولعبها الدافئ على احاسيس الناس المقهورين الذين يلجأون لله عند اغلاق المعابر

الخيار الديموقراطي لا ينقلب على نفسه يا سادتي ولا يقتل أولاد شعبه حتى لو كان مظلوماً

اليسار الفلسطيني مليء بالاشكاليات والأزمات ولكنه لم يرتبط بالسلطة وبرنامجه الثوري لم يرفض نتائج الانتخابات مثلما رفضه كلا الفتحاويين والحمساويين

انعدام البرنامج الثوري هو ذاته برنامج المصالح القائم على فتوى الانتخابات التي تتغير من عام لعام، وهو نفس برنامج المصالح القائم على بيع مقدرات الشعب وممتلكاته وتحويل مؤسساته إلى دكاكين لفلان وعلتان.. والحق على اليسار في كل الأحوال
..!..

حل الدولتين حل قدمه الطوباويون المتحكمون بالمنظمة، وهو نفس الحل الذي دافعت عنه حماس من خلال الهدنة طويلة الأمد، وحل الدولة الواحدة هو الأمثل.. فلنسمع من (المسقفين) الذين لا يجيدون إلا الكلام كيف يكون حل الدولة الواحدة، لنسمع ولنرى وجهة نظرهم وخطة عملهم على هذا الإطار ولنرى من سيقف في الصف ومن سيقود عمليات القتل ضد (العملاء)
الذين يريدون ان يعيشوا مع اسرائيل في يوتوبيا
(اسراطين)

اتمنى ان اسمع وجهة نظر (المسقفين) حول البرامج الثورية التي رافقت العملية الانتخابية الديموقراطية عند الجبهة الشعبية كمثال ومقارنتها بالبرامج للحركات الطوباوية الغوغائية الأخرى التي لا تحكّم العقل، وليُسقِط (المسقفون) من بني جلدتي هذه البرامج الغوغائية وليضعوها في (خلاط) واحد ومن ثم ليقولوا لي كيف يمكن بناء برنامج ثوري بديل لليسار وليساعدوا اليسار المسكين في تجاوز محنته بدل الجعجعة والعبارات الرنانة اللي عالفاضي
..!..

1 comment:

Mahmoud Al-Khateeb said...

بقلم/ محمود الخطيب
إنصافا للتاريخ
04/02/2008



بداية وقبل التطرق للموضوع، فنحن نكتب هذه الكلمات ردا على مقال "نهاية اليسار الستاليني في فلسطين" لرندة أبو نعيم. وهو بالطبع ليس دفاعا عن اليسار الفلسطيني ولا دفاعا عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، فهي وتاريخها اكبر من أن تحتاج لان يدافع عنها احد، واكبر من أن تلوثها بعض الاتهامات هنا أو هناك.

كنا قد نشرنا الأسبوع الماضي ذاك المقال، وبرغم اعتراضنا على الكثير مما ورد به من باب تنوع الرأي والرأي الآخر. لا يمكن النظر إلى أزمة اليسار الفلسطيني من المناظير الضيقة التي يتعامل بها المثقفون والسياسيون الفلسطينيون باختلاف أوجههم وتوجهاتهم. قبل الحديث في أزمة اليسار الفلسطيني، يجب أن ندرك أن اليسار العربي ككل يواجه محنة وصعوبة تتمثل في إرهاق طبقة العمال وانعدام وزنها الاجتماعي وفعاليتها والتي هي بالطبع القاعدة الأساسية لأي أحزاب يسارية، وبالعودة للتاريخ للقياس وتحكيم مراحل تطور النظرة اليسارية.

وبالقياس التاريخي، لازمة اليسار الفلسطيني اليوم، لا مجال للشك بان للواقع إرهاصاته وظلاله التي يلقيها على مسيرة أي حزب ثوري بغض النظر عن إيديولوجيته. فالطبقة العاملة الفلسطينية باتت مٌعدمة، مهضومة الحقوق، ومرهقة جدا، من بطالة وفقر ومرض وتجويع استمر حتى الآن لأكثر من سبع سنوات. ذلك الانتهاك والامتهان للطبقة العاملة في فلسطين ليس نتاجا إسرائيليا فحسب، بل هو نتاج الحكم الإقطاعي والبيروقراطية التي تحكم وتسير الشارع الفلسطيني والتي عملت لإنتاج جمهور لا يعرف ولا يعي حقوقه، ولو عرف الفلسطينيون حقوقهم لانقلبوا يساريين. بالإضافة إلى سياسة اللعب على الوتر الحساس التي انتهجتها بعض القوي والفصائل الفلسطينية لتتلاعب بعواطف وعقول الناس من جهة أخرى. بالإضافة للمد الديني الكاسح على مستوى العالم، وخصوصا المتطرف منه وتنامي الإسلام السياسي وظهور الحركات التكفيرية. إلا أن كل هذا لا ينفي وجود أخطاء ارتكبها التيار اليساري. تلك الأخطاء هي أمر طبيعي في إطار السياق التاريخي لتطور أي فكر وأي حركة نضالية وثورية.

بدلا من إطلاق الاتهامات جزافا. كان الأولى بصاحبة المقال رندة أبو نعيم. الأخذ بعين الاعتبار السياق التاريخي والموضوعي أثناء التقييم وهو ما لم يحصل. في عام 2006 قام حكيم الثورة بلقاء صحفي مع جريدة الخليج الإماراتية، وعند سؤاله عن أسباب التراجع الملحوظ للجبهة الشعبية ونفوذها كان رده تأكيدا على ما قلناه للتو:

"حينما نتحدّث عن تراجع نفوذ الجبهة الشعبية، يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الظروف الموضوعية العامة أثناء التقييم، المتمثلة في المتغيرات الدولية والإقليمية، كانهيار الاتحاد السوفييتي، والمد الديني الكاسح على مستوى العالم، الذي أثّر سلباً في كل القوى اليسارية والوطنية الديمقراطية في العالم، لكن هذا الأمر لا يقلّل، ولا يحجب رؤيتنا عن تقصير العامل الذاتي، والأخطاء التي وقعنا بها."

أما الاتهام بغياب أو انعدام البرنامج الثوري لليسار، فهو أمر لا يتعدى شطحات الخيال. فالجبهة الشعبية وكلكم يعرف برنامجها الثوري منذ انطلاقتها، وهو البرنامج الذي لم يتم السمسرة به ولا بيعه في أسواق نخاسة واشنطن او إيران. وهو البرنامج الثوري الذي ينادي بكرامة الإنسان والتقدمية والاشتراكية. فالرفيق الحكيم جورج حبش وفي لقاءه المذكور آنفا مع جريدة الخليج الإماراتية عام 2006 قد صرح بضرورة إعادة هيكلة البرنامج الوطني الفلسطيني، لان حل الدولتين لم يعد قائما، بل إن حل الدولتين خيار فاشل منذ بدايته. وان الحل الأمثل هو في دولة ديمقراطية يتمتع كل قاطنيها بحقوق وواجبات متساوية. وهو ما أكده الرفيق أحمد سعدات في مرافعته أمام محكمته.

ويكفي البرنامج الثوري اليساري، والسلاح اليساري شرفا، انه لم يكن يوما من الأيام جزء من أي اقتتال فلسطيني-فلسطيني. ولم يمارس التخوين أو التكفير. ويكفي الجبهة الشعبية فخرا انها لم تسمسر بالقضية والشعب مرة باسم الله ومرة باسم دولة الكانتونات، ولم تحابي يوما فصيل على حساب فصيل آخر. ولم ولن تتاجر بمبادئها التي أسست عليها. فهي لم تنقلب على شرعية الانتخابات لكنها ترفض ما تقوم به القوى الرجعية الظلامية من قمع وتنكيل للجماهير في غزة ورام الله وهي التي ترفض العقلية الاستزلامية وعربدة الميليشيات التي يتبعها لقطاء الشرعية من جانبي القتال.

هذا هو اليسار الفلسطيني ... وهذه هي الجبهة الشعبية ... فأرونا ماذا كسبتم ...


http://www.palfirst.org/politics/200802042237.htm